من مظاهر الحياة اليومية في اوساكا (1)

أفتقد في صباحاتي طقوس الإفطار العماني؛عندما كنت أستيقظ باكراً لأجلس مع أفراد عائلتي نتجاذب أطراف الحديث ونستمتع بتناول فطورنا الذي كان يصفه والدي رحمه الله ب”الملوكي” والمكون من فلافل وحمص وجبنة ولبنة وزيت وزعتر إلى جانب ابريق من الشاي اللذيذ بالنعناع. كم كانت هذه الصباحات دافئة! وفي أوساكا، حيث لا يسعفني الوقت في بعض الأحيان، يكاد الفطور لا يتعدى طبقاً بارداً من الكورن فليكس المغمور بالحليب!

ولأغلب حنيني إلى ما يفصلني عنهم الالاف الكيلومترات، بدأت أتنزه كثيراً لأشغل عيناي بالتقاط تفاصيل الحياة اليومية هنا، وأحفر في ذاكرتي صفحة ذكريات جديدة تُضاف إلى سابقاتها في فصل حياتي الأُوساكية!

ما لاحظته خلال جولاتي، أن مظاهر الحياة تكاد تتكرر في كل منطقة من مقاطعة أوساكا، فما أراه أو أصادفه في مدينتي، أراه مجدداً في مدينة أخرى وكأنني أدور في حلقة صغيرة والفرق فقط تغير اسم المدينة. لكن هذا لا يعني أن هذه المظاهر تبعث على الضجر، بل على العكس تماماً تعجبني صفتي “العملية” و “الأريحية” المتمثلتين في كثير من جوانب الحياة اليابانية.

واذا أردت أن تألف أسلوب الحياة الأوساكية، عليك أن تعتاد رؤية:

1. ممارسي الرياضة:

أكاد أجزم أنه في أي وقت أتواجد به في الخارج لا بد أن يصادفني شخص يمارس رياضة الركض أو يقوم بتمارين المط والتمدد أو كما هو الحال في ملاعب جامعتي يمارس رياضته المفضلة كالبايسبول أو كرة القدم أو حتى التنس الأرضي. الجميل أن ممارسة الرياضة لا تقتصر على فئة الشباب، بل ان أغلب من أصادفهم في طريقي إلى الجامعة صباحا هم من فئة شباب 65 سنة! في هذا العمر وشباب!! أجل فكما شاهدنا في خواطر 5 لم يتمكن أحمد الشقيري من هزيمة منافسه الياباني رغم فرق العمر الشاسع!

2. الدراجات الهوائية:

Bicycles in Osaka U

في المرات القليلة التي رأيت فيها شخصاً يركب دراجته الهوائية، كانت قبل سنوات طويلة عندما كان أخواي في أوج طفولتهما يركبان دراجاتهما للقيام بجولات ممتعة في الحي بينما تستمر والدتي في الدعاء بأن لا يصابا بمكروه! لكن هنا، الدراجة الهوائية لا يقتنيها الأطفال فقط للتسلية، بل تعتبر وسيلة مواصلات أساسية يركبها الجميع: الجد والأب والأم والموظفة بلباسها الأنيق والموظف ببدلته الغالية وحتى الأساتذة الجامعيين!

وما لم تكن مثلي، ممن وضع تعلم ركوب الدراجة في قائمة الأمور التي يرغب بتحقيقها، فان اقتناء دراجة تجعل حياتك أسهل. فأمام كل محطة قطار أو متجر وفي حرمي الجامعي تجد مواقف مخصصة لركن الدراجات، كما ستجد متاجر بيع وتصليح الدراجات منتشرة بكثرة في حال أصاب دراجتك عطلٌ ما. أضف على ذلك، أنه بإمكانك قيادة الدراجة على الرصيف، لكن اذا اضطررت إلى النزول إلى الشارع فلن يعتريك القلق من أن تدهسك سيارة عابرة، فسائقو السيارات على استعداد للقيادة ببطء وراءك أو ترك مسافة أمان كبيرة عند تجاوزك على المجازفة بسلامتك!

يبقى أن أخبركم أن أحد الأمور التي أثارت دهشتي هو أسعار الدراجات؛ فهناك الدراجات المستعملة الرخيصة والدراجات الجديدة والتي قد يصل سعر الدراجة الواحدة الألف دولار!

3. متاجر 24 ساعة:

ما عدا بعض المحلات التجارية الكبرى وبعض المطاعم، فإن أغلب المحال التجارية تغلق أبوابها ما بين 8 و9م ولا تفتح أبوابها صباحاً قبل التاسعة أو العاشرة أحياناً. ولأن السواد الأعظم من اليابانيين ينهي دوامه في ساعات متأخرة من الليل ويبدأ نهاره باكراً وُجدت المحلات التي لا تغلق أبوابها أبداً والمعروفة باسم “كونبيني”! هذه المحلات -والتي تنتمي لعلامات تجارية مختلفة- منتشرة بكثافة؛ حيث يوجد في كل شارع متجر إن لم يكن اثنين أو ثلاثة. وتوفر هذه المتاجر بضائع متنوعة كالفواكه والخضراوات والحلويات والعصائر والقرطاسية والمجلات وغيرهم الكثير. السلبية الوحيدة برأيي هو ارتفاع أسعار البضائع مقارنة بمثيلاتها في المحلات التجارية العادية، لكنها بالنسبة للكثيرين مصدر تبضعهم الأهم والوحيد في كثير من الأحيان!

Lawson_convenient_stores

 

4. ماكينات البيع: 

لن أبالغ اذا أخبرتكم بأن هذه الماكينات تكاد تتواجد في كل زواية ممكنة، وفي بعض الأحيان تجد صفاً متراصاً من الماكينات أمامك. وتبيع أغلب الماكينات التي صادفتها أنواع مختلفة من العصائر بالإضافة إلى قناني الماء. ويبيع البعض الآخر البوظة، السجائر، الشكولاته وبالطبع البيرة.

Japan_Vending Machines

 

ما ذكرت هنا يمثل جزءاً بسيطاً من طبيعة الحياة اليومية هنا. ماذا عنكم؟ ما هي تصوراتكم عن طبيعة الحياة هنا في أوساكا؟ شاركوني من خلال التعليقات.

 

 

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*