علمتني اليابان -2-: عادات يابانية حميدة لكن مضرة!

اليابان هي رابع دولة أقيم فيها وأول دولة غير مسلمة أعيش فيها، وهي قبلة عاشقي الأنمي ومحبي هذه الدولة الفريدة المتميزة من نواحي عديدة. وقبيل قدومي إلى هنا، اعتدت العيش بأسلوب معين -يتصف أحياناً بالحذر وأخذ الحيطة بدرجة مبالغة-؛ لذا عندما أخبرني بعض مَن سبقوني إلى اليابان عن عادات اكتسبوها هي مُسلَّمٌ بها في المجتمع الياباني ولكنها تبدو غير واقعية، بحسب تجربتي الشخصية، أنكرتهم وقاومت أن أتحقق من صحتهم في بادىء الأمر.

لكن بعد مرور عامين تقريباً، أستطيع القول أني أدمنت بعض هذه العادات الحميدة والمُضرة أيضاً اذا لم تستطع التخلص منها قبل عودتك إلى موطنك بغض النظر عن بلدك الأم! – وهذا باجماع عدد كبير من المغتربين من العرب والأوروبيين وغيرهم من الجنسيات الأخرى-.

هي حميدة ولكنها تسبب الضرر ان اعتدت القيام بها خارج اليابان:

1. ترك مقتنياتك الشخصية في الأماكن العامة:  

من شبه المستحيل أن أترك أيّاً من مقتنياتي الشخصية في أي مكان عام إلا اذا كانت صديقتي أو أحد أفراد عائلتي بالقرب؛ لحمايته من السرقة. ومع أن الأمانة جزء من هويتنا العربية والإسلامية إلا أن “القانون لا يحمي المغفلين!”، جملة -للأسف- نكررها مراراً على مسامع من يفقد أيّاً من مقتنياته بمجرد أن غابت عن ناظريه لحظة! ولكن هنا في اليابان، يترك الناس مقتنياتهم الغالية كاللابتوب والهاتف الذكي وربما الحقيبة بأكملها على طاولة ما ويغيبون عنهم لفترات طويلة ليعودوا ويجدوهم كما تركوهم تماماً.

وتشتهر اليابان أيضاً بوصفها بالبلد الذي”لا يضيع فيه شيء”! لأنه مهما كان نوع وسعر وحجم الشيء الذي أوقعته في مكان ما ستعود لتجده هناك أو موضوعاً على جانب الطريق حتى لا يدهسه أحد المارة. أو ان وقع منك -كما حدث مع محفظتي عدة مرات- ورأى ذلك أحد ما سيهرع إلى التقاطه واللحاق بك لارجاعه.

ما الذي جعل اليابانيين يتمتعون بهذه الدرجة الرائعة من الأمانة؟ سؤال تحتاج اجابته إلى دراسة عميقة. لكنني أستطيع مبدئياً أن أقول بأن الشعب الياباني شعب يعلم أن حقوقه محفوظة فلا يطمع أو تستدعيه الحاجة إلى أخذ ما لا يملكه. كما أن العديد أخبروني بأن القوانين اليابانية صارمة جداً ولا مجال للمساومة في العقوبات – وفيتامين واو غير فعّال- فالأفضل أن لا تخطئ!

2. المشي بشرود:

تعلمنا منذ الصغر أنه عند عبورالشارع يجب أن ننظر مرتين وربما أكثر لنحافظ على سلامتنا. وفي الغالب نركض عندما نعبر الشارع حتى لو كانت السيارة بعيدة؛ فلسبب ما غير معروف، تبدأ تلك السيارة -وخصوصا التكاسي- بزيادة السرعة لتمنعك من عبور الشارع! ومن غير المعتاد أن يمارس أحدنا رياضة المشي أو ركوب الدراجة في الحيّ بقلب مطمئن فللأسف حياة المشاة أقل أولويات السائق!

لذا عندما طلب مني مصطفى – وهو زميل سوداني وأول من قابلته هنا-  في اليوم التالي لوصولي اليابان بأن أعبر الشارع والسيارة منطلقة نحوي نظرت إليه وكأنه قد فقد عقله! وكدت أصاب بأزمة قلبية عندما قام هو بذلك، لكن لم تتوقف السيارة فحسب بل انتظر السائق عبوري أيضاً ثم انطلق ليكمل طريقه! ذُهلت فلم يرافق عملية التوقف أي صوت مخيف لمكابح السيارة أو صوت الزامور المدوي، أي أن هذا الأمر معتاد! ومع ذلك بقيت طوال شهور تلت أنظر يمنة ويسرى قبل عبور الشارع.

أما اليوم، فأعبر الشارع دون أن أنظر وأمشي باسترخاء، وأتمتع بأحلام اليقظة بينما في حالات عديدة تكون هناك سيارة تسير خلفي رويداً رويداً! أخاف أن اعتيادي على “الأولوية للمشاة” ستودي بحياتي يوماً ما عندما أغادر اليابان!

3. أخذ باقي الحساب وعدم التأكد من المبلغ بعد الدفع: 

في أغلب المحلات يقوم أمين الصندوق “أو ما يعرف بالكاشير” بوضع المبلغ المدفوع في ماكينة الدفع التي تقوم باعطاء الباقي الصحيح، ومن ثم يعطيك اياها مع الفاتورة. وحتى في المحلات القليلة التي لا يتواجد فيها مثل هذه الماكينة، يتحرى “الكاشير” الدقة في الحسابات، لذا تجد اليابانيين يأخذون الباقي ويضعونها مباشرة في المحفظة دون عده. هل هناك أجمل من هذه الثقة!

4. أن تنسى اغلاق باب المنزل أو تغلقه وتنسى المفتاح:   

أخبرني مصطفى أنه في احدى المرات أغلق باب شقته في الصباح الباكر، ثم عاد متأخراً ليجد المفتاح ينتظره في فتحة الباب! دخل الشقة ووجدها كما هي فلم يدخل أحدهم المنزل مع أن المفتاح كان ظاهراً للعيان طوال اليوم! وتكررت هذه القصة مع أشخاص كثر أغلبهم علموا بتركهم المفتاح ومع ذلك لم يشعروا بحاجة ملحة للعودة وانتظروا موعد مغادرة العمل أو المدرسة المعتاد دون أن يساورهم القلق بأنهم قد تعرضوا للسرقة!

برأيكم ما الذي جعل كل ما سبق عادات يابانية؟ ولماذا لا يمكن أن تكون عاداتنا نحن؟! شاركوني من خلال التعليقات.

 

2 thoughts on “علمتني اليابان -2-: عادات يابانية حميدة لكن مضرة!

  1. برأيكم ما الذي جعل كل ما سبق عادات يابانية؟ ولماذا لا يمكن أن تكون عاداتنا نحن؟ this is the million dollar quesrion

اترك رداً على سهام إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*