عيد الفطر من قلب أوساكا

يقول البعض بأن العيد يفقد نكهته بمجرد أن نكبر، وبأن العيد للأطفال فقط، وغيرها من الجمل التي يرددها العديد من المسلمين الذين اعتادوا سماع الأذان 5 مرات في اليوم، والتمتع بأجواء رمضان الروحانية في المساجد المنتشرة بكثرة لدرجة أن مثل هذه الأمور باتت من المسلمات لديهم فنسوا قيمتهم.

عندما أتى رمضان هذا العام، عاهدت نفسي أن أحاول قدر المستطاع الشعور بروحانيته، فلا مسحراتي بوقظنا بصوته داعياً إيانا إلى تناول السحور، ولا مآذن تصدح بأذان المغرب لتخبرنا بأنه حان وقت الدعاء ولا مائدة افطار تجمعنا بمن نحب وتذكرنا بنعم الله التي لا تحصى.

وفي جامعتي، سُمح لنا بإقامة صلاة التراويح، فكانت تلك الساعة الوحيدة من اليوم التي تُذكرني بأننا في رمضان؛ الساعة التي أستشعر فيها بتوحدي مع المسلمين في مختلف بقاع الأرض. لكن في أحيانٍ كثيرة، كان عناء العمل يغلبني وأبقى جالسة في مختبري أكمل عملي ولا أستطيع آسفة الذهاب إلى الصلاة، فأشعر بأن هذا اليوم لا يُحتسب من رمضان.

لذا عندما دق عيد الفطر بابي كما دق أبواب العديد من الطلبة المسلمين في أوساكا، ذهبت سعيدة إلى صلاة العيد لأحتفل وأشكر الله الذي منحني الصبر لأستمر في عبادته رغم كل الصعوبات. كانت صلاة العيد بحدود التاسعة صباحاً في يوم عمل، ولكن هذا لم يمنعني من أن أتخيل بأن هذه الأزمة المروية أثناء ركوبي الباص ما هي إلا تزاحم الناس أثناء توجههم إلى صلاة عيد الفطر 🙂

Eid Day

استغرقت الرحلة 40 دقيقة تقريبا في الباص، ومن ثم أكملتها سيراً على الأقدام متوجهة إلى المدرسة التي سُمح لنا بإقامة صلاة العيد فيها.

Eid Day 2

وعندما اقتربت من المسرح تعالت أصوات التكبيرات وشعرت بأني عدت إلى الأردن ورأيت الأطفال كالعادة يعيثون فرحاً في أرجاء المكان. وجوه عديدة مصبوغة بألوان مختلفة ومن أعراق متنوعة جمعهم حب الله تحت سقف واحد، يالله ما أجمل العيد! وتزين المحتفلون بألوان زاهية، منهم طالبتي الطفلة اليابانية “آيو” ذات السبع سنوات -والتي ازدانت بالحجاب البرتقالي-، هذه الفتاة الرائعة التي استطاعت رغم الحر أن تختبر قدرتها على التحمل بصوم شهر رمضان كاملاً.

Eid in Osaka

وزاد فرحي بالعيد عندما امتلأت القاعة بالمعيدين والفرح يرتسم عليهم، وهم يكبّرون ويهللون ويشكرون الله أن منحهم نعمة صيام رمضان هذا العام. وبعد أن هدأت التكبيرات، بدأ الشيخ محسن- وهو شيخ مصري مقيم في اليابان منذ أكثر من 15 عاماً وامام مسجد ايباراكي القريب من جامعتي- بشرح كيفية أداء صلاة العيد، ومن ثم انطلقت التكبيرة الأولى.

Eid prayer in Osaka

وحتى لا يشعر الأطفال بأن العيد هنا مختلف، خُصص لهم بعد انتهاء صلاة العيد وخطبته وقت لاختيار عيديتهم من الألعاب بالإضافة إلى اعطائهم أكياساً من الحلوى.

Eid Gifts

ولأن الهدايا كانت -للأسف- للصغار فقط، اكتفيت بالتقاط صورة مع لعبة ثم قمت باعادتها سريعاً قبل أن تراودني نفسي بـأخذها 🙂

Me in Eid

ولكن لا تقلقوا حصلنا على عيديتنا في نهاية المطاف في المركز الثقافي الإسلامي، والذي مشينا إليه بعد أن أنهينا مراسم صلاة العيد، كانت على شكل أكوام وأكوام من مختلف الحلويات المشتراة والمصنعة منزلياً.

Eid Sweets Eid Sweets 2

جلسنا سوية وتشاركنا الضحكات والحلويات وبالطبع المعمول مع القهوة لبضع ساعات قبل أن نسارع بالعودة إلى جامعتنا ودراستنا؛ فعطلة العيد لدينا تعني حتى الساعة 12 ظهراً 🙂

Eid Mamool

وعلى الرغم من استمرار فرحة العيد سويعات قليلة، إلا أن العيد يبقى فرحة يستحقها كل مسلم أرضى ربنا بصيامه عن المعاصي قبل صيامه عن الطعام والشراب. فرحة تجمع قلوبنا عبر هذه الأرض لاغية حواجز العرق واللغة والمكان.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*