في ضيافة قطة وبومة!

من متع السفر العديدة القدرة على خوض تجارب جديدة، ولهذا لن تخيّب اليابان ظنك بتقديمها للائحة طويلة من الخيارات، بعضها ممتع، وبعضها غريب وبالطبع ستجد مجموعة منها صادماً!

احدى التجارب التي كانت من شأنها احداث تغيير في حياتي هو زيارتي لمقاهي الحيوانات المختلفة؛ فقد اعتدت أن أرى الحيوانات في حديقة الحيوانات، أو في حالات نادرة كحيوان أليف في بيت صديقتي. لكن أن أتوجه خصيصاً إلى مقهى حيث تمسك يدي اليمنى بكأس من المشروب الساخن بينما يدي اليسرى مشغولة بمداعبة حيوان قد يكون أليفاً، وأدفع مبلغاً من المال لأجل ذلك فهذا أمرٌ لم ألفه!

تتعدد المقاهي باختلاف نوع الحيوان المخصص لها، فهناك مقاهي للحيوانات الأليفة المعتادة كالقطط والأرانب والطيور، وأخرى لحيوانات غريبة كالبوم والقنفذ وحتى الأفاعي! ويمكن أن تجد هذه المقاهي منتشرة في العديد من المدن اليابانية كسنداي وطوكيو وأوساكا وكوبي وغيرهم.

واليوم أشارككم تفاصيل زيارتي الممتعة لاثنين من مقاهي الحيوانات الموجودة في أوساكا: 

1. مقهى القطط:

قمت بزيارة هذا المقهى قبل سنتين، حيث أقنعتني صديقتي البوسنية -العاشقة للقطط- بضرورة ذهابنا إلى هناك. وصلنا إلى المقهى والذي يقع في الطابق الأول ويتكون من جزئين: المطعم الصغير حيث بإمكانك الجلوس وتناول مشروب ساخن أو بارد بانتظار مجيء دورك، والمكان الذي تتواجد فيه القطط.

عند وصولنا استقبلتنا الموظفة وأخبرتنا عن الخدمات المتوفرة؛ حيث لكل مدة زمنية معينة تسعيرة مختلفة. ولأنها المرة الأولى قمنا باختيار المدة الأقصر وهي ساعة برفقة القطط مقابل 1100 ين – أي ما بقارب 10 دولار- ويرافقها إمكانية تناول أي مشروب – سعره أقل من 5 دولارات- في المطعم.

صادفت زيارتنا يوم السبت، لذا كان المقهى مشغولاً أكثر من المعتاد وكان علينا أن نجلس في المطعم لمدة 20 دقيقة قبل أن يحين دورنا. وقبل دخولنا إلى مكان تواجد القطط، أعطتنا الموظفة التعليمات كعدم استخدام الفلاش في التصوير، وعدم إزعاج القطط النائمة، كما أخبرتنا بإمكانية اطعام القطط كخدمة إضافية.

دخلنا وبحماس ووجدنا أنفسنا في جنة القطط؛ قطط بأحجام وألوان مختلفة في أنحاء المكان، بعضها نائم بسكينة في سلالها والبعض الآخر يتمدد بدلال فوق الطاولة وعلى الرف أو يتمتع بتربيتة على الرأس من احدى زوار المقهى.

لفت نظري على الفور قطة كبيرة وذات فراء ناعم وكثيف متمددة بكسل فوق مخدة، اقتربت منها وبدأت بالتربيت على رأسها وبطنها وأتأمل حضورها اللطيف. كانت هذه أول مرة أقوم فيها بكسر حاجز الخوف من القطط واكتشفت حينها لِمَ تحب صديقتي القطط؛ فالشعور الذي تمنحه القطة دافئ كما أنها في غاية الظرافة.

مرت الساعة سريعاً قضيتها في مداعبة القطط المختلفة وتصويرها والتصور معها. غادرنا بعدها والإبتسامة بادية على وجوهنا على أمل أن نكرر الزيارة.

%d9%81%d9%8a-%d9%85%d9%82%d9%87%d9%89-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b7%d8%b7

ملاحظة: مقاهي القطط مشهورة للغاية لذا يمكنك أن تزور احداها بحسب المنطقة، كل ما عليك هو الإختيار من هنا

2. مقهى البوم:

قبل بضعة أشهر ، قرأت عن هذا المقهى مصادفة ودعوت صديقتي اليابانية يوكيكو لمرافقتي لنستكشفه معاً. توجهنا إلى هناك في يوم عمل لنتجنب الإكتظاظ المعتاد في نهاية الأسبوع، لكن عند وصولنا إلى مقهى عائلة البومة تفاجأنا بضرورة الحجز المسبق على الهاتف لأن المقهى يستقبل فقط 20 شخصاً لكل جلسة والتي تستمر لمدة ساعة. لكن أخبرتنا الموظفة بإمكانية تسجيل أسماءنا لديها، ومن حسن الحظ أن مدة انتظارنا كانت فقط لساعة واحدة -اذا كان عدد المسجلين كبيراً قد تضطر للإنتظار فترات أطول- قمنا خلالها بتناول عشاء مبكر حيث يقع المقهى بالقرب من سوق تجاري يحتوى على العديد من المحلات والمطاعم.

%d8%a3%d9%85%d8%a7%d9%85-%d9%85%d9%82%d9%87%d9%89-%d8%b9%d8%a7%d8%a6%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%88%d9%85%d8%a9

الساعة 6م، وقفنا مرة أخرى أمام المقهى ودخلنا عندما استدعتنا الموظفة. طُلب منا خلع أحذيتنا وارتداء شباشب مخصصة وجلسنا عند طاولتنا.

على الطاولة وجدت تعليمات -باللغة الإنجليزية- عن قوانين المقهى وكيفية التعامل مع البوم بأحجامها المختلفة كعدم لمس من يجلس منها في أقفاص – لأن هذه فترة استراحتها- ومنع استخدام الفلاش في التصوير.

%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b9%d9%84%d9%8a%d9%85%d8%a7%d8%aa

قبل البدء بالجلسة طلبنا مشروباتنا الساخنة، وقام الموظف برش مادة معقمة على أيدينا، وبدأ موظف آخر -بانجليزية مفهومة- بشرح كيفية التربيت على البومة وحملها على الذراع والكتف وفوق الرأس وحثنا على عدم حمل صغار البومة بالقرب من البوم البالغ حفاظاً على حياتهم.

بعد 5 دقائق، دعانا جميعاً إلى الإقتراب، وغمرنا الحماس فوراً فهذه أول مرة لكليتنا. بدأتُ ببومة صغيرة والتي كادت على ما يبدو أن تفقد وعيها من شدة خوفها من البشر 🙂 لكن ما أن بدأت بالتربيت عليها حتى بدأت بالإسترخاء. الله ما أنعم ملمسها!

%d8%af%d8%a7%d8%ae%d9%84-%d9%85%d9%82%d9%87%d9%89-%d8%b9%d8%a7%d8%a6%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%88%d9%85%d8%a9

بعدها توجهنا إلى بومة متوسطة في الحجم وقامت يوكيكو بحملها فوق رأسها، كانت البومة مستمتعة بينما يوكيكو متوترة. عندما جاء دوري عرفت السبب، فقد غرزت البومة مخالب قدميها في حجابي وشعرت بغرابة وجودها فوق رأسي، لكن ما بدأت أسير حتى شعرت باثارة التجربة الجديدة وتمنيت لو سُمح لها بالبقاء مدة أطول. شعور شاركتني به البومة التي كادت تخلع حجابي عندما أراد الموظف انزالها من على رأسي!

%d9%8a%d9%88%d9%83%d9%8a%d9%83%d9%88-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%88%d9%85%d8%a9

ثم جاء دور بومة كبيرة في الحجم، والتي يُوجب حملها لبس قفاز خاص، حملتها وتخيلت بأني أحمل نسراً لا بومة – لأن صورة القفاز مرتبطة نمطيا في رأسي بحمل النسور والصقور-.

أثناء انشغال الزوار بمداعبة وحمل البوم، رأيت هذا البوم الضخم يلف رأسه كملك يراقب رعاياه، فقمت بالتقاط صورته لكن بسبب نظرته الحادة لم أتجرأ على الإقتراب منه.

%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%88%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b1%d8%a7%d9%82%d8%a8%d8%a9

بعدما فرغنا من مداعبة البوم – التي كانت لطيفة وجميلة بعكس صورتها النمطية المشؤومة- قمنا بتناول مشروبنا ودفع 1500 ين – أي 15 دولاراً/للشخص- مقابل هذه الجلسة المثيرة والتي استمتعنا حقّاً بتجربتها.

ملاحظة: للاطلاع على موقع المقهى وأوقات دوامه ومراجعات بعض زواره اضغط هنا

بالرغم من جمال القطط وهدوء البوم الذين قابلتهم في هذه المقاهي، لم تنتهي تجربتي مع مقاهي الحيوانات؛ فلا تزال لديّ الرغبة بأن أحمل قنفذاً أو ربما أُطعم أفعى.

4 thoughts on “في ضيافة قطة وبومة!

  1. كل يوم أكتشف ما هو مدهش وجميل وممتع في اليابان بسببكِ
    جميل جداً، أتمنى أن أزورها يوماً ما
    عزيزتي جهاد من فضلك أكثري من هذا النوع في المدونة، فهو نوع ممتع حقاً.

    • عزيزتي آية بسعدني أن هذه المدونة قد زادت من حبك لليابان 🙂
      وان شاء الله سأحاول قدر المستطاع أن أشارككم المزيد من التجارب الممتعة

  2. مدونة رائعة جدا استمتعت بمواضيعها والتجارب الشخصية .. بالتوفيق لكم ان شاء الله

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*